الجمعة، 6 يوليو 2012

متى يدرك مرسي اللحظة الفارقة ؟


لا أظن أن أحداً من الثوار ينظر بإطمئنان و رضا لأداء الرئيس حتى الآن. و إذا أعربت عن قلقك و توجسك رُميت بأنك تشاؤمي و نكدي و متعجل. تتساءل بعض التساؤلات فيقال لك: الرجل لم يحلف اليمين بعد و لم يتسلم الرئاسة رسمياً. يقسم الرجل بدل المرة ثلاثاً إحداهما معطوبة لا نرضى عنها ثم ننظر للأقوال و الأفعال و نعرب عن قلقنا من بعضها و إمتعاضنا من أخرى فيقال لك مرة أخرى: انتظر و أعطه فرصة.
لا يطلب المرء من مرسي أن يحل مشاكل مصر كلها وحده و في أسبوعٍ واحد, لكن كل المطلوب منه أن يعي اللحظة التي نعيشها و يرتب أولوياته :الأهم فالمهم. و عنده العديد من القضايا التي لا تحتمل الإنتظار و لكن تقتضي الحزم و الحسم الفوري.
ماذا ينتظر مرسي و الإعلام الذي أقنع ملايين من هذا الشعب خلال الإنتخابات أن الإخوان قتلة و من أركان النظام السابق و هم المسئولين عن موقعة الجمل هو نفس الإعلام الموجود حالياً و ما زال يبث سمومه و يهاجم مرسي نفسه و يخوف الناس من الإسلاميين بالباطل و ينشر الإشاعات الكاذبة؟ هل تخشى أن يقال عنك أنك ضد حرية التعبير و الإعلام؟ هل لأجل هذا تترك الكلاب تعوي و تسمح بالكذب و الخداع؟ ألا تعي أن الزن على الودان أمر من السحر و ما أسهل أن ينقلب من يصفقون لك اليوم إلى لاعنين لك غداً بكثير من الدجل الإعلامي المصاحب لممارسات تدعمه من تدبير أمن الدولة على أرض الواقع؟
ماذا ينتظر مرسي في قضية حل البرلمان و الإعلان الدستوري المكمل و مجلس الدفاع الوطني؟ الكرة صارت في ملعبك أنت؟ فلتقل تهاني الجبالي و أمثالها ما يشاءون لكن أنت صاحب الشرعية التي تستمدها منا و هي أعلى من مجلس المخلوع الذي خرج بهذا الإعلان الدستوري المعيب. ماذا تنتظر لكي تلغيه؟ و هل ستدعو الشعب لإستفتاء على مسألة حل البرلمان إذا جاء حكم المحكمة المرتقب على غير ما نريد أم ستمشي في مسارهم و تدعو لإنتخابات جديدة لنبقى بلا برلمان لنهاية العام الذي لا ندري هل سينتهي و أنت معنا أصلاً أم لا؟!
ألا تدري يا مرسي أن كل يومٍ يمر تخبو فيه الجذوة أكثر و يثقل الناس و يقل الأنصار؟ ألا تدري أن الدائرة ستضيق و لن تجد حولك في النهاية إلا الإخوان فقط؟ ألا تدري أن من يراك زاهداً في صلاحياتك لن يتعب نفسه في الصراخ من أجل إنتزاعها من العسكر؟
ألا تدري أنك تستفز كل ثائر حينما نجدك تبالغ في تكريم العسكر؟ ألا تدري أنك تحرق دمنا حينما نراك تكرم سلطان و عبد المعز؟ ماذا ستفعل بعد هذا؟ هل ستكرم بجاتو بالمرة؟
ماذا تنتظر يا رئيس البلاد كي تعلن أسماء نوابك و وزراءك؟ كنت أتوقع أن تكون قد حددت خياراتك من قبل إعلان النتيجة أصلاً؟ ماذا تنتظر؟ أتراك راضياً عن أداء الجنزوري و ستتركه لنا في نهاية المطاف؟
هل يستقيم عندما تُدعى لممارسة حقك بالعفو عن الأسرى في سجون العسكر أن تشكل لجنة لدراسة شئونهم من ثلاثة خصوم للثورة؟ ثم بعدها بيومين يخرج لنا رئيس هيئة القضاء العسكري لسانه و يخبرنا أنه لم يصله تكليف بهذا الأمر.
ألم تتعلم درساً مما جرى لعصام شرف؟ ألم تتعلم مما حدث في مجلس الشعب؟ ألم تعِ الأسباب التي جعلتكم تخسرون نصف مؤيديكم في الجولة الأولى للرئاسة؟ هل نسيت أننا إنتخبناك في الإعادة لأنك من تبقى أمام شفيق؟ هل كنت صادقاً حين قلت بلسانك في التحرير أن الثورة مستمرة و أننا سنكمل المشوار؟ أي مشوارٍ تعني؟
يا رئيس البلاد لا يمكنك أن ترضي جميع الناس, هذا ضربٌ من الخيال. كيف ترضي من يحب الثورة و من يتبرم بها و من يسعى للقضاء عليها في آنٍ واحد؟ إعلم أنك كلما أرضيتَ فئةً أسخطت عليك الأخرى و في النهاية لن يرضى عليك أحد.
إن أغلظنا لك في القول فهذا لخوفنا على هذا البلد, التطهير هو واجب الوقت يا رئيس البلاد. و هناك من القضايا ما يفسد بالتسويف و التأجيل. و هناك رؤوسٌ إن لم تُقطع ستهدم كل ما تبني أولاً بأول..هذا إن تركت لك الفرصة لتبني.
الإصلاح في موطن الثورة هو وأدٌ للثورة....لن نسأم أن نذكرك أن هناك من القضايا ما لا يجدي معه إلا الحل الثوري..و هناك من القضايا ما لا يصلح معه إلا الإصلاح التدريجي طويل الأمد..فميز هذه عن تلك.
يا رئيس البلاد ليست المراهم هي العلاج في موطن البتر...و ليس السكوت حكمة و تأن في موطن الفعل و الكلام.
يا رئيس البلاد: أدرك اللحظة الفارقة..و لا تضيع نفسك و تضيعنا معك. كن على قدر المسئولية التي تحملتها.
هداك الله و إيانا لما فيه سواء السبيل...و الله غالبٌ على أمره.
 ------------------------------------------------
تم نشر المقال بموقع رابطة النهضة و الإصلاح

ليست هناك تعليقات: