السبت، 23 يونيو 2012

عندما يصبح الحياد خطيئة


بدايةً لا أؤمن أن هناك ما يسمى بحياد إيجابي أو حيادٍ سلبي. فالتطبيق العملي لسياسة الحياد الإيجابي على المستوى السياسي مثلاً تضمن في نهاية المطاف بصورةٍ أو بأخرى قدراً من الإنحياز, مما يتنافى أساساً مع مفهوم الحياد. لذا فالحياد هو أخذ موقف سلبي في الأساس. لكن متى يصبح الإنسان محايداً؟
أزعم أن الإنسان يكون محايداً في قضية ليس له علمٌ بها, أو ليس له مصلحةٌ فيها...فإذا توافر العلم إنحاز بعقله إلى طرفٍ من الأطراف, و إذا توفرت المصلحة إنحاز بعقله و عمله لتحقيق هذه المصلحة.
و الآن أسأل كل من يقف على الحياد في هذه اللحظات الدقيقة التي نعيشها: أليس لك مصلحة في هذا الصراع؟ أليس هذا الصراع متعلقاً بالأساس بمستقبل الوطن؟
إلى كل من فضل خيار المقاطعة أو إبطال الصوت في الإنتخابات, هل لا زلت ترى أن الخيارين سواء؟
ألا ترى أن الأمر هو صراعٌ بين عسكرة كاملة للدولة, و بين دولة مدنية حتى لو كنت معارضاً لرأسها الآن؟
إذا كنت ما زلت ترى أن الأمر برمته هو صراع على السلطة بين العسكر و الإخوان و لنتركهم يقضي أحدهما على الآخر فدعني أسألك: ثم ماذا؟ ثم ستستطيع أنت منفرداً هزيمة العسكر؟ لا يا عزيزي هذه معركة لا يستطيع أحد حسمها بشكل منفرد, لا أنت و لا حتى الإخوان .
ألا تستحق مصر أن تتخطى خلافك الأيديولوجي مع الإخوان و يكون حبك للثورة أكبر من كرهك لهم؟ و إذا لم تستطع تجاوز هذا الخلاف الآن من أجل مصر و من أجلك أنت, فمتى إذاً ؟
ألا ترى أن هناك من إستطاع بالفعل تجاوز هذا الخلاف الأيديولوجي و وقف في نفس الصف مع الإخوان رغم عميق الخلاف معهم؟
هل تصدق – أو تريد أن تصدق -  أن الميدان مقتصر على الإخوان و أنصارهم فقط كما يروج الإعلام؟
ألا ترى أننا قد عدنا لنقطة البداية و أن الإعلام يلعب نفس الدور, بل و يكرر نفس ما كان يقوله في الأيام الأولى للثورة؟
إذا سألتني : و هل كان الإخوان سيقفون نفس الموقف لو كان المرشح الذي ينافس شفيق ليس منهم؟ فصراحةً ليس لدي نية للمزايدة و لندع هذه الإجابة للإخوان أنفسهم لكن إذا كنت ترى أنهم لم يكونوا لينزلوا فدعني أنا أسألك: أليس هذا هو عين ما تفعله الآن؟
إذا كنت تنقم على الإخوان عدم مشاركتهم في عدد من المواقف الحاسمة فلم تكرر نفس ما نقمته أنت عليهم؟ لم لا تكون أفضل منهم لأجل هذا الوطن؟
كل ثائر عنده كل الحق في الغضب من الإخوان لمواقف عديدة أبرزها محمد محمود و مجلس الوزراء و غيرها, لكني إن كنت ترجع هذه المواقف للخيانة فإني أرجعها للغباء و سوء التقدير من قيادة الإخوان. و أحسب أن الإخوان بتحركاتهم الحالية قد أدركوا سوء تقديراتهم السابقة و اختاروا الخيار الصحيح هذه المرة. فماذا تنتظر منهم بعد؟ و إلى متى ستنتظر؟
كثيراً ما كنت أردد أن هناك ما يسمى بالترمومتر الثوري لدى كل ثائر يحدد له الوقت المناسب الذي ينبغي فيه النزول. و ما كنت أنتظر أن يكون في وقتنا هذا مساحة للإنتظار و للتردد لدى أي ثائر.
هناك أوقات لا تملك فيها أن تمسك العصا من المنتصف. و هناك من يفعل هذا إنتظاراً لرؤية الطرف الغالب ثم يعلن إنحيازه له في النهاية. و نجد من بين أفراد من يسمون بالنخبة كثيراً من هذا الصنف, لكن هذا بعيدٌ كل البعد عن أي ثائر.
إننا ربما نكون في آخر معركة كبرى للثورة و هى معركة إستقلال الإرادة و كسر هيمنة العسكر. لا أظن أن أحداً يرضى بأن يضربنا العسكر على أقفيتنا و يدعون أنهم سلموا السلطة و قد تركوا لنا رئيساً منزوع الصلاحيات و إحتفظوا هم بسلطة التشريع و فرضوا كذلك لجنة لتشكل الدستور على هواهم. و يخطىء من يرى أنها معركة تنتهي بإعلان مرسي رئيساً. و يخطىء كذلك من يظن أننا لن نعارض مرسي و نقف له بالمرصاد إذا وجدنا منه إنحرافاً عن الصواب. و يبدو أن قدرنا أن نظل معارضين.
خطوط المعركة و أهدافها محددة: لا للإنقلاب العسكري المسمى بالإعلان الدستوري المكمل.
لا لحل مجلس الشعب.
لا لتشكيل هيئة تأسيسية للدستور بخلاف الهيئة المنتخبة.
لا للضبطية القضائية.
لا لمجلس الدفاع الوطني كما شكله العسكر.
أرجو من كل ثائر أن يضع هذه الأهداف نصب عينيه إلى أن نحققها بعون الله تعالى....و أدعو كل متردد أو من يتخذ موقف الحياد حتى هذه اللحظة أن يراجع نفسه و يدرك اللحظة الفارقة..فلا مجال للتردد و لا للحياد في اللحظات الحاسمة.
 (إن أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحيادفي أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة) مارتن لوثر كنج
و مصر تستحق أن نسمو فوق أي خلاف و نبتلع المر من أجلها, و كي لا يضيع كل تعبنا هباءاً...و الله ناصرنا..و الله المستعان .

هناك تعليقان (2):

أبو عمر يقول...

الله اكبر و لله الحمد
ألف مبروك فوز الدكتور محمد مرسى
الثورة مستمرة و هذه هى البداية فقط

عندى سؤال بسيط / هو مارتن لوثر كينج ده إخوانجى ؟

مسلم من مصر - محمد على عطية يقول...

آه اخوانجي...كان رائد أسرة إخوانية في شيكاغو