الأربعاء، 2 يوليو 2008

بين تغيير الثقافة,و ثقافة التغيير

لعل من أمتع المحاضرات التى حضرتها فى الكلية, كانت محاضرة فى مادة (إدارة المشاريع الهندسية) أخذناها فى السنة النهائية. و بعيداً عن الأرقام و المنحنيات و المعادلات, فإن هذه المحاضرة كانت تناقش مبدأ الإدارة من الناحية النظرية, و بدأ الدكتور محاضرته بسؤال:ما الفرق بين الحضارة Civilization,و الثقافة Culture؟
أختصر ما قاله الدكتور:(الحضارة هى مجموع إنجازات الشعوب, و التى نرى أثرها فى مجالات عدة :العلوم, القوانين و التشريعات, المعمار...الخ, فهى شىء باق حتى لو مر الشعب بفترة توقف فيها عن المساهمة فى الحضارة الانسانية.
أما الثقافة, فهى مجموع القيم السائدة فى المجتمع, و هى شىء قابل للتغيير, لكن فقط يحتاج للصبر و بعض الوقت.
مثلاً: اذا شاهدتم أحد الأفلام القديمة, ربما وجدتم فيه لقطة يلتف الناس فيها حول الراديو, و يسمعون الأخبار بإنصات و إهتمام, لكن الصورة الآن تغيرت كثيراً, عندما يعود أى شاب منكم الى بيته, و يمسك الريموت, ما أول محطة يسعى لمشاهدتها؟
أجاب معظم الشباب فى نفس واحد:ميلودى(للأسف)
قال الدكتور: أرأيتم؟فى فترة زمنية حوالى 35 سنة تم تغيير ثقافة الشعب و نمط حياته و توجيهه الى ثقافة أخرى, ثقافة الإهتمام بالأفلام و الأغانى و الكرة, و ذلك لصرف انتباهه عن أشياء أخرى) انتهى كلام الدكتور.
لمست هذا الموضوع بنفسى بعد التخرج مباشرة, كنت أحضر كورس فى أحد البرامج المتعلقة بالتخصص, و فى مرة وردت كلمة Exclusive(حصرى) فى سياق البرنامج, قال المحاضر:هذه الكلمة ترونها كثيراً,أليس كذلك؟ قلت:نعم, عندما تبث الجزيرة خبراً حصرياً, فضحك اصدقائى و قالوا: جزيرة ايه يبنى, احنا بنشوفها فى ميلودى و مزيكا.(و لا تعليق)
ما علينا, أدخل فى الموضوع
فأعتقد أنه ليس منا من لا يوافق على أن هناك ثقافات كثيرة خاطئة سائدة فى مجتمعنا المصرى فى زمننا هذا.
ثقافة الفهلوة, ثقافة عدم الاتقان(عك و ليس كله كويس), ثقافة عدم احترام المواعيد, ثقافة الأسبقية و عدم التحضر و عدم القدرة على الوقوف فى طابور.....الخ
أشياء كثيرة سلبية موجودة فينا نحتاج أن نغيرها, نحتاج أن نحطم هذه القيود التى تكبلنا, لأنها تعوقنا عن أى تقدم, و تمنعنا من أى نجاح.
و لعل من أهم الثقافات التى نحتاج لتغييرها:ثقافة الخوف.
نعم, فحتى الخوف أصبح ثقافة, ثقافة تم زرعها فينا منذ زمن, نتيجة لسنوات عديدة من سياسة تكميم الأفواه, و كبت الحريات, و الإعتقالات و الذى منه.
و هى ثقافة تحتاج لتغيير, فلن يستطيع أى شعب التحرر, طالما أنه غارق فى مستنقع من الخوف و الجبن.
لا ندعو للتهور, و لا للإلقاء بالنفس فى التهلكة, بل على الإنسان أن يكون عاقلاً و متوازناً و ذكياً فى تصرفاته, و لكن الجبن و الخنوع ليس من الذكاء فى شىء, إنه المورث للسلبية و الإحباط و هلم جرا من الثقافات التى تحتاج للتغيير بدورها.
اذاً, قلنا أن هناك ثقافات عديدة تحتاج للتغيير, و بالطبع فإن على عاتقى و عاتقك, على عاتق كل شاب مؤمن و مثقف و محب لوطنه و أمته, على عاتق كل شجاع و شريف, تقع مسئولية التغيير, لأن الناس بحاجة لمن يصحح لهم المفاهيم, و يوقظ فى قلوبهم الإيمان و التفاؤل, و ينشر روح الإيجابية و المشاركة, و يطرد اليأس و الإحباط و التشاؤم و السلبية, و لئن تقاعس المصلحون عن أداء دورهم,فمن سيقوم به إذاً؟ فلنفضها سيرة و لنقل على بلدنا السلام.
هنا أتعرض للنقطة الثانية, و هى ثقافة التغيير, و التى تحتاج أن تنتشر بين المصلحين أنفسهم قبل أن تنتشر بين عوام الناس.
قرأت مؤخراً فى كتاب للأستاذ فهمى هويدى رأياً عن أسلوب التأثر بين الحاكم و المحكوم, و ملخصه (أن هذا التأثر واقع فى اتجاه واحد,من أعلى لأسفل, من جهة الحاكم الى المحكومين, و المثال على هذا من كلام لأحد أئمة السلف:كان الخليفة الوليد بن عبد الملك صاحب معمار و بناء, فكان الرجل يلقى الرجل يسأله عن البناء و القصور, و كان سليمان بن عبد الملك صاحب طعام و نكاح, فكان الرجل يلقى الرجل يسأله عن الطعام و النكاح, أما عمر بن عبد العزيز فكان صاحب عبادة, فكان الرجل يلقى الرجل يسأله عن ورده و عبادته, و كم قرأ من القرآن فى هذا اليوم)انتهى.
نعم, فالناس على دين ملوكهم, و (إذا صلح الحاكم صلحت الرعية), و إذا كان رب البيت بالدف ضاربا,فشيمة أهل البيت......
فالتأثير واقع لا محالة من الحاكم الى المحكومين, حتى لو كان هذا الحاكم من غير جنس أهل البلد-قوة احتلال يعنى-فالشعب المستعمَر واقع تحت تأثير الغزو الثقافى من قوة الإستعمار, و قد تحدث ابن خلدون عن هذا فى مقدمته تحت عنوان (ولع المغلوب بتقليد الغالب).
لذا, اذا كان الحكم فاسداً, وجدت الفساد منتشراً فى المجتمع, اذا كان الحاكم ثورياً شجاعاً, وجدت روح الثورة و الشجاعة تنتشر فى شعبه, أما اذا كان ضعيفاً خانعاً غير واثق بنفسه, يرى نفسه قزماً إزاء القوى العظمى, فستجد روح الانهزامية تسرى بين الناس .
اذا كان الحاكم فاشياً مستبداً ظالماً, وجدت الظلم متنقلاً بين الطبقات, من كل طبقة للطبقة التى تحتها, وصولاً الى مستوى الأسرة الصغيرة, فتجد من رب الأسرة فى بعض الأحيان أحادية فى التفكير, ونزوعاً الى العنف والقسوة, والتخويف والارهاب , نعم لا تندهش, ستجد الناس ينتقدون الظلم و يبشعونه و يسبون الظالم و يدعون عليه, ثم تجدهم فى الوقت ذاته يمارسونه على من هم أدنى منهم, و هم يظلمون أنفسهم قبل أن يظلموا أحداً آخر.
إنها حالة إنفصام حقيقية فى الشخصية, تحدث بسبب الفساد الهابط من أعلى, و كلما هبط درجة اتخذ شكلاً آخر و تكيف مع البيئة التى يعيش فيها, حتى يستقر و يرسخ فى القاع.
و فى عصرنا الحديث, فإن إنتقال الثقافة الفاسدة أصبح أيسر و أسهل, فالفساد و الضلال صار له كهنته و دعاته الذين يبشرون به و ينشرونه قدر استطاعتهم, كى تظل الأوضاع على ما هى عليه, و يظلوا فى أماكنهم.
كهنة المعبد هؤلاء ليسوا بالضرورة رجال سياسة فقط, ستجد معهم سرايا ممن يقدمون أنفسهم لنا على أنهم (مثقفو الأمة), و هم يبشرون بثقافات غربية دخيلة مستوردة غريبة عنا, و ستجد كتائب من الإعلاميين, و الفنانين-مع الاعتذار للفن-و الكتاب و الصحفيين, كل هؤلاء يسخرون جهودهم و طاقاتهم ليكونوا فى خدمة الفاسدين, و لينشروا الثقافة التى يريدونها.
و هنا تقع المسئولية على ضمير الأمة الحقيقى, على الذين عندهم من الوعى و الإيمان ما يحصن عقولهم ضد الغزو الفكرى, و يعطي قلوبهم مناعة ضد هذه الأمراض, فهم الأمل الوحيد للقضاء على الثقافات الفاسدة, و نشر مفاهيم أخرى, هم الذين يجب عليهم أن ينشروا ثقافة التغيير, و هم الحلقة المفقودة التى تقع فى منتصف المسافة بين القمة و القاع.
بالمناسبة, لا أريد من القارىء أن يختزل كلمة التغيير فى مفهوم (تغيير النظام الحاكم), بل الأمر أعمق من هذا, إنى أتكلم عن تغيير المنظومة المجتمعية و الثقافات الفاسدة بشكل كلى, و النجاح فى هذا هو الذى سيؤدى بدوره الى التغيير للأصلح على كل المستويات وصولاً لمستوى القمة.
و قد دخلت فى نقاش منذ زمن عن طبيعة التغيير, هل هو تغيير من قمة الهرم أم من قاعدته, هل هو من أعلى أو من أسفل؟
و ما أذهب اليه, هو أن التغيير من أعلى الهرم شىء خيالى بعض الشىء, و مقوماته ليست متاحة على الدوام, هذا غير أن من يصل للقمة و ليس عنده قاعدة قوية يرتكز عليها, سيظل مهزوزاً و غير مستقر, ففى الوقت الذى يحتاج فيه لتضافر كل قوى شعبه لتسير معه فى الاصلاح, فإنه سيجد نفسه يحتاج الى الانتظار حتى يصلح ما أفسده من قبله, و عموماً, ففى البناء لا تبدأ بتشييد السقف قبل أن تضع الأساس أولاً.
لذا فقناعتى هى أن التغيير يجب أن يبدأ من القاعدة, نعم, يقوم المصلحون ببذر البذور, و نشر الوعى, و إيقاظ الأرواح و القلوب, يقومون بإصلاح ما أفسده المفسدون, سيحتاج تغيير الثقافة الى صبر و وقت كما قلنا, فليكن, فالثقافات الفاسدة لم تنتشر بدورها بين يوم و ليلة, بل أخذت ما شاءت من الوقت حتى رسخت, و من الطبيعى أن يحتاج ازاحتها الى نفس الوقت,إن لم يكن أطول.
و بجانب هذا, نحتاج ألا نقطع الأمل فى إصلاح الرأس, ليس بالدعاء دون العمل, بل واجب على كل مفكر و عالم و صاحب رأى أن يبلغ رأيه بشجاعة لأولى الأمر, فإن إنصاعوا للحق, فسيجرون معه المحكومين, و إن استمروا على فسادهم, فعسى أن تكون شجاعة المصلح أبقى فى نفس المحكوم من فساد الحاكم, و لنتذكر موقف الإمام أحمد بن حنبل فى محنته المشهورة, و فى النهاية ذهب المفسدون الى مزبلة التاريخ, و بقى موقف الإمام مشرقاً يعطى الثقة للمصلحين بقية العصور.
نحتاج أن ندرس جيداً سير المصلحين و أفكارهم و رؤاهم فى التغيير, نحتاج أن نتعلم من تجارب الأمم التى حولنا , و كيف نجح من نجح منهم فى التغيير للأفضل,و ما الأشياء التى نستطيع أن نقتبسها منهم و نطبقها فى حالتنا. نحتاج أن ندرس تاريخ أمتنا نفسه بشكل أعمق, و نأخذ منه الدروس و العبر, و نرى كيف تعامل أجدادنا مع الفساد و الظلم. نحتاج لأن نفهم ديننا الفهم الحق, و نلتمس منه الوسائل الأمثل للإصلاح.
لن نستطيع أن نساهم فى الإصلاح إذا كنا ضعفاء لدرجة أننا نستسلم لتيار المغريات من حولنا, و ننزل للمستوى المنحط الذى يُراد لنا, اذا استسلمنا للثقافات الفاسدة الوافدة و نبذنا ثقافتنا و قيمنا.
كيف ننشر التفاؤل إذا كنا متشائمين محبطين؟
كيف ندعو للأمل اذا كنا يائسين؟
كيف نبشر بالنصر إذا كنا نعيش فى هزيمة نفسية؟
كيف ندعو للعودة للهوية و رفض الثقافة الوافدة, اذا كنا أنفسنا متأثرين بالغرب لدرجة أن بعضنا يكتب العربية بحروف لاتينية, و يحسن التعبير بالإنجليزية و يخطىء فى الكتابة بالعربية؟
كيف نغرس فى قلوب غيرنا الإيمان, و لما يدخل الإيمان فى قلوبنا؟
لن يتأتى كل هذا إن لم يصاحبه البدء بالنفس, و ثقافة التغيير قبل أن نحاول أن ننشرها فى المجتمع, يجب أن نطبقها على أنفسنا أولاً, و القاعدة القرآنية الخالدة واضحة بهذا الشأن((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).
سيظل الحق و الباطل فى صراع الى يوم الدين, فلنكن جنود الحق, و السهام التى ترمى فى صدر الباطل, فلنكن القناديل التى تضىء للناس حياتهم, و تزيح الغشاوة من على أعينهم, و الران من على قلوبهم, و لنتحمل خلال ذلك سخرية الساخرين, و شماتة الحاقدين, و عداوة الظالمين, و الله معنا ما دامت نوايانا خالصة لله.
و أسأل الله أن يكون فى هذا الكلام تنشيطاً لهمم المصلحين, و أن يجعل لنا دوراً-و لو مجرد وضع لبنة-فى طريق الإصلاح, فلعلنا نكون جيل النصر المنشود, إذا فعلنا ما علينا, و أدينا واجبنا, و أخلصنا النية.
أما اذا تقاعسنا, و ركنا الى الدعة, و صرفنا جهدنا فى الخطابة و التنظير و السفسطة دون الفعل,و شتتنا جهدنا فى الجدل و الصراخ و الخلاف, فسنظل نحرث فى البحر, و ستغرقنا أمواجه فى النهاية.

هناك تعليقان (2):

شــــمـس الديـن يقول...

السلام عليكم

اخي الفاضل محمد

مقالك هذه المرة دسم للغاية و يناقش عدة قضايا ( الثقافة و الحضارة , كيفية تغيير الثقافة , فكر الفهلوة , راس الافعي و الذيل و الاصلاح , انفصام الشخصية و غياب ضمير الامه الحقيقي , الدعوة لعدم التخاذل و مناقشة و دراسة سير العظماء و القاء الضوء عليها بتمعن ) و كلها تصب في نفس البوتقة

و اعذرني علي استفاضتي فقليل هي المقالات التي تستفزني للكتابة و تجعلني اتكلم بطلاقة فاعذرني مقدما علي الاطالة :)



* الفارق بين الثقافة و الحضارة ...
ناقش هذا المفهوم الفيلسوف بيجوفيتش و قال مجملا ....
ان الثقافةهي التمهيد السماوي بما اشتمل عليه من دين و فن و اخلاق و فلسفة , و هي التي تعني بعلاقة الانسان بتلك السماءا لتي هبط منها ... فهي تأثير الدين علي الانسان اوالانسان علي نفسة

بعكس الحضارة التي هي استمرار للحياةالحيوانية ذات البعد الواحد فالحضارة تتعامل مع فن العمل و السيطرة و الصناعة و هي التقدم التقني لا الروحي


و هو بشكل او باخر نفس التعريف الذي قاله الاستاذ عندكم في المحاضرة مع التحوير العصري ... و متفقة معك تماما علي موضوع تغيير الثقافة ... و لكن اعتقد انه كما قال بيجوفيتش بوضوع ان دور الدين هنا يأتي حتي يرسم المرجعية النهائية للثقافة فكلما بعدنا عن الدين او المرجعية الثابتة كلما اتجه الانسان دون وعي منه الي الانغماس في العالم المادي دون التفات الي العالم الروحي


ثم تعرضت للثقافات الفاسدة المنتشرة , و لا يعنيني ما اسبابها قدر ما يعنيني كيفية الخلاص منها , و لقد بدأت كلامك عن هذا الامر عن اشكالية خطيرة اختلف فيها مع كل من هم حولي و انت بدأت في اولا لفقرة الثانية تتفق معي فيها - ربما اول شخص يتفق معني فيها - في اشكالية ان فساد المحكومين يأتي من فساد الحاكمين ... و كنت انوي كتابة رأيي في مقالة اعلم انها سوف تثير كثير من الجدل بعنوان " رأس الافعي ام الذيل " و اتفق معك كليا في ان الاساس يأتي من الحاكم ... و سوف ادلل علي كلامي هذا بشكل اكثر تفصيلا لاحقا

و لكن اعذرني ,... هناك تناقض ظاهري في الكلام ففي الاول اتفقت ان الفساد يأتي من الراس ثم قلت انه من المستحيل ان نصلح الراس اذا فلابد ان يحدث التغيير من اسفل الهرم و ليس من القمة ... و لكن اسمح لي ان اختلف معك ... فاعتقد ان التغيير لابد ان يكون في التوازي و( القاعدة و الرأس معاً ) مع الوضع في الاعتبار ان اولوية التغيير تكون للحاكم ان اردنا اصلاحا ... و اذكر انني في المستشفي التي اعمل بها كان سلوك الناس غاية في السوء و يعتقدون انهم بالفهلوة سوف يحصلون علي الدواء قبل الاخرين و لكن في الجزء ا لصغير الذي اكون راعية فيه و مسؤولة عن رعيتي (المرضي) اجبرتهم علي النظام و ان يكون هناط طابور للنساء و اخر للرجال و من يعمل نفسة ناصح و يخترق الصفوف اتجاهلة للاخر و من يعلي صوتة فلا علاج له عندي ...و لا اريد ان اقول لك ان النتائج كانت باهرة و تعلم الناس بسرعة بل و احبوا النظام جدا و اصبحوا من تلقاء انفسهم ينهرون من يخرج علي النظام لانهم يعرفون ان السلطة الشرعية( من تصرف العلاج ) سوف تأذرهم ....
الامر نابع من الحاكم و المحكومين هم مجرد قطيع لا اقصد شئ سئ بالقطيع و لكن هذه هي التصنيفة الاساسية لاي شعب في العالم

فالاصلاح من القاعدة لن يجدي لانه دائما سوفد القاذورات تلقي عليك من فوق و لكني لا اقول ان نستسلم ولا تعمل و لكن نفعل اقصي ما نستطيع فعله و علي الله قصد السبيل ... فكل في مجالة يحاول التغيير و اشاعة روح التغيير و مقاومةالفكل السلبي و لكن بالحيلة و الموعظةالحسنة دون طيش ... فالحكمة مطلوبة دائما

اتفق معك تماما في ان ضمير الامه الان اصبح زائف و ان العبئ علي الضمير الحقيقي ممن لم ينساق مع القطيع ثقيل للغاية ... و لكن لابد من الجاد والبذل دون كلل و بمثابرة , و اتفق معك ايضا في تدريس السير بشكل مبسط و التركيز علي كيفية التعامل مع الاراء و استنباط الافكار ووجود مرجعيات ثابته لا تتغير ربما تكون لينه في بعض الاحيان حتي لا تنكسر و هذا ليس ضعفا و لكنه حكمة , و لكن المرجعية النهائية الاصلية لا تتغير


اتدري يا محمد , كلما اسير في دربي الذي اخترت كلما اجد ان عدد السائرين فيه يكثر يوما بعد يوم ... و لكن المشكلة انهم لا يعرفون بعض ولم يتجمعوا حتي الان ... وانني لا يمكنني ان اكون في احباط او ياس او تخاذل عندما اري شباب مثلكم وقف في وجه التغييب و التغريب و كل موجات محو الثقافة و في نفس الوقت واع بما يحدث حوله دون انغلاق ...

بارك الله لك و اكثر من امثالك و حقاً مقالك جد رائع و لكن اعذرني انني لم اوفيه حقه من التعليق

خالص التحية :))

مسلم من مصر - محمد على عطية يقول...

و عليكم السلام و رحمة الله
أختى الفاضلة شمس
أولا و قبل كل شىء, اسمحى لى أعزيكى و أعزى كل المصريين و المسلمين,فى وفاة الدكتور عبد الوهاب المسيرى رحمه الله, و جزاه الله عنا خير الجزاء.
إن القلب ليحزن,و إن العين لتدمع, لكن هذا قدر الله, و خير ما نخلد به ذكرى الرجل هو أن ننشر علمه و فكره بين الناس, و ربنا يبارك لك فى مجهودك الذى تبذلينه فى مدونتك.
ثانياً:كون المقال استفزك للكتابة و جعلك تتكلمين بطلاقة, فهذا شرف لى يا أختى,و لا داعى لأن تتكلمى عن إطالة و خلافه, أنسيتى (التردد و طول الموجة أم ماذا :)
ثالثا: ندخل فى موضوع المقال, فنحن متفقون على أن السمكة تفسد من رأسها, و أن فساد المحكومين نتيجة لفساد الحاكمين, و نقطة الاصلاح على التوازى هى نقطة أنا متفق معك فيها تماما, و هى ما أدعو له فى مناقشاتى فى هذا الموضوع منذ زمن,و الجميل أنى كنت استخدم نفس المصطلح(التوازى)و يبدو أنى لم اوضحها بالقدر الكافى هنا, و قد كتبت فى هذا المقال عن دور واجب و لازم للعلماء و المفكرين و المثقفين فى نصح أولى الأمر, و ضربت مثلا للإمام أحمد بن حنبل, و لعلك تذكرين أنه رغم اضطهاد 3 خلفاء له, فإن رابعهم(المتوكل)هو من اعتنق رأيه و أعاد الحق الى نصابه.
كان عدد من الفقهاء يتحرجون من غشيان بلاط الحكام,حتى لا يفتتنوا, و كمعارضة لما يحدث فى بلاط الحاكم من تجاوزات, و كانوا ينكرون على من يذهب من الفقهاء لمجالس الأمراء, و على الرغم من أن بعض من كان يذهب للأمراء عرفوا بإسم(فقهاء السلطان), إلا أن بعضهم كان يذهب بنية الوعظ و الإصلاح, حتى ينبهوا الحاكم لأى خطأ أو محظور قد يقع فيه.
إننا نفتقد فى هذا العصر للعالم و الفقيه الشجاع الذى يقف فى وجه الحاكم و يقول له:لا, الساحة تخلو بالتدريج من الشجعان, و منذ زمن لم نر من يقف وقفة أبى حنيفة أمام المنصور, و ابن حنبل أمام المأمون, و العز بن عبد السلام أمام المماليك.
أعجبنى أنك تحاولين تطبيق هذه النظرية فى دائرة تأثيرك, فى مجال عملك,و أنا أؤمن أن كل انسان منا له دائرة تأثير يستطيع الحركة فيها, و عليه أن يبدأ بنفسه و يحاول اصلاحها, و من ثم اصلاح من يقعون فى دائرة التأثير هذه:الأسرة, الأصدقاء و المعارف, زملاء العمل...الخ
و بالتدريج يمكن للمرء أن يوسع من هذه الدائرة, و يكون لمن أثر فيهم دوائرهم الخاصة, و هكذا ينتشر الاصلاح فى المجتمع.المهم ان تكون هناك نقطة بداية سليمة.
و كما قلتى, من يعمل فى اصلاح القاعدة سيجد القاذورات تلقى عليه من فوق و تعرقله عن عمله, هذه القاذورات لا تقتصر فقط على السخرية و الشماتة من الذين لا يفهمون, و لا تثبيط الهمم و تكسير المجاديف من رسل الاحباط, و لكن ايضا حرب شرسة من المفسدين الذين يعلمون جيدا أن الاصلاح لن يتركهم فى اماكنهم, و منهم من يعلم جيدا أن المستقبل لنا, لكنهم يحاولون تعطيلنا فقط.
و خطر لى الآن و أنا أكتب قصة الأعمى(عبد الله بن أم مكتوم) المذكورة قصته فى سورة عبس, فالنبى صلى الله عليه و سلم كان يدعو أحد من هم فى(القمة), و جاءه واحد من (القاعدة), لكن من فى القمة لم يستجب, و من فى القاعدة استجاب, و لكن الرسول(ص) كان يمارس الدعوة فى الاتجاهين على التوازى, و بالصبر و الجهد, فتح مكة بعد أن صار معه قاعدة كبيرة.هل تتفقين معى فى هذا؟
أتمنى أن أرى قريباً مقالك عن(رأس الأفعى :) ), و أنا متشوق لقراءة رؤيتك الخاصة بالتفصيل.

و الدرب الذى نسير فيه يا شمس, به الكثير, لكنهم كما تقولين لا يرون بعضهم البعض, و ما يبدو على السطح هو الصورة السيئة التى توحى أنه لا أمل, و أن الشباب ضائع, لكن الحمد لله, لا زال هناك أمل, لكن مع ذهاب من علمونا, و من نتعلق بأفكارهم, و من صححوا وعينا من أمثال شيخنا الغزالى بالأمس, و الدكتور المسيرى اليوم, فإن هذا يعنى أن علينا أن نطور أنفسنا أكثر مما يمكننا أن نشغل الفراغ الذى يخلفونه, حتى لا يفنى جنود الحق, و يظل جنود الباطل.
بارك الله فيكى, سعدت جدا بتعليقك, و جزاكى الله كل الخير